لم يكن غريباً أن يتجمع لاعبو المنتخب الإسباني لكرة القدم حول مديرهم الفني العجوز لويس أراجونيس ويرفعوه عن الأرض ويقذفوه في الهواء تعبيراً عن حبهم وتقديرهم الشديد له بعد دقائق قليلة من انتهاء المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأوروبية الثالثة عشرة «يورو ٢٠٠٨».
وتغلب المنتخب الإسباني علي نظيره الألماني «١ / صفر» في المباراة النهائية للبطولة مساء الأحد الماضي علي استاد «إرنست هابل»، لينطلق اللاعبون نحو مدربهم القدير الذي قاد الفريق إلي الفوز ليرد علي جميع الانتقادات التي وجهت إليه علي مدار الفترة التي قضاها مع الفريق، وكانت لحظة مفعمة بالمشاعر والأحاسيس الجياشة بالنسبة لأراجونيس أكبر المدربين سنا من بين جميع مدربي بطولة يورو ٢٠٠٨، خاصة أن اللقب هو الأول لفريقه في البطولات الكبيرة منذ ٤٤ عاماً وبالتحديد منذ أن فاز الفريق بلقب البطولة الأوروبية الثانية عام ١٩٦٤ بإسبانيا، ويترك أراجونيس المنتخب الإسباني بعد الفوز باللقب الأوروبي وبعد أربع سنوات قضاها في قيادة الفريق، ليتجه في الفترة المقبلة إلي تدريب أحد الأندية.
ولكن الاتحاد الإسباني للعبة قد يتمني الآن إقناع أراجونيس بالبقاء مع الفريق، خاصة بعد سماع تصريح فيرناندو توريس مهاجم المنتخب الإسباني وصاحب الهدف الوحيد في المباراة النهائية ليورو ٢٠٠٨ .
وقال توريس مهاجم ليفربول الإنجليزي: «لويس بالنسبة لنا مثل أحد اللاعبين بالفريق، كما أن له دوراً أبوياً في الفريق.. ربما يكون «أراجونيس» أهم العوامل في بناء هذا الفريق لأن لديه ثقة كبيرة للغاية في هذه المجموعة من اللاعبين.. نشعر بالسعادة لأنه سطر اسمه في تاريخ كرة القدم الإسبانية من خلال آخر مباراة له مع الفريق».
أما أراجونيس نفسه الملقب بـ «الحكيم» فكان أكثر اعتدالاً بشأن التعليق علي الدور الذي لعبه لقيادة الفريق إلي إنهاء فترة الانتظار والجدب التي سادت طويلاً قبل أن يحرز الفريق هذا اللقب الأوروبي. وقال أراجونيس «كنت دائماً أقول إنني إذا قدت هذه المجموعة من اللاعبين بشكل جيد سيصبحون أبطالاً.. اللاعبون يدركون جيداً مدي ثقتي بهم ومدي ثقتهم بأنفسهم.. أعتقد أن لدينا فريقاً جيداً واستثنائياً».
وأظهر أراجونيس إصراره علي الفوز بالبطولة من خلال تصريحاته في الليلة السابقة ليوم المباراة حيث قال «ما من أحد يتذكر أصحاب المركز الثاني.. ويتحدث الناس أحياناً عن هؤلاء الذين يصلون للمباراة النهائية.. ولكن الاقتراب من الفوز باللقب ليس كافياً، وفي النهائي يجب أن تحقق الفوز لأن من يحرز المركز الثاني لا ينال أي شيء. والآن أصبح لدي إسبانيا المنتخب القادر علي التواجد في سجلات «تاريخ» حيث قاد أراجونيس الفريق للفوز باللقب الأوروبي للمرة الأولي منذ فوز إسبانيا بلقب البطولة الأوروبية الثانية عام ١٩٦٤ بإسبانيا.
وأعرب أراجونيس عن سعادته البالغة بهذا النصر الذي تحقق لإسبانيا كلها. واستحق المنتخب الإسباني الفوز بلقب البطولة، وكان وصول الفريق إلي المباراة النهائية والعرض الرائع أمام المنتخب الألماني أفضل رد علي المشككين والمنتقدين لأراجونيس. وسيكون فيسنتي دل بوسكي المدير الفني السابق لريال مدريد الإسباني هو المرشح الأول لخلافة أراجونيس وقيادة الفريق إلي نهائيات كأس العالم ٢٠١٠ بجنوب أفريقيا.
وأكد أراجونيس قبل المباراة النهائية رحيله من تدريب المنتخب الإسباني لأن أحداً لم يفعل شيئاً من أجل الإبقاء عليه، مشيراً إلي أن أحداً لم يطلب منه أي شيء، ولذلك قرر الرحيل ولن يتراجع عن قراره، موضحاً أن الأمر بسيط للغاية ولا يحتاج إلي تفسير. وقال «قضيت أربع سنوات أدافع عن بلدي.. والتوقف عن هذا الدفاع ربما يولد بعض المشاعر بالحنين إلي الوطن.. ولكنني سأواصل العمل في مجال كرة القدم، لأنني أري ضرورة الاستمرار في العمل».
ويحتفل أراجونيس في الشهر المقبل بعيد ميلاده السبعين لكن تردد بقوة في الآونة الأخيرة أنه سينتقل قريباً لتدريب فريق فناربشخة التركي.