يبدو أن الاحتراف في القارة الأوروبية صار كابوسا على جماهير الكرة الإفريقية، خصوصا بعد أن ظهرت منتخباتهم ونجومهم بشكل مخيب للآمال في نهائيات غانا 2008؛ ما أضاع عليهم فرصة الحصول على كأس البطولة التي فاز بها فراعنة مصر للمرة الثانية على التوالي.
لم يظهر العديد من النجوم الأفارقة بمستواهم المعروف مع أنديتهم الأوروبية ما جعل منتخبات مثل: المغرب، ومالي، والسنغال وجنوب إفريقيا تخرج من الدور الأول للبطولة، رغم أن أسود الأطلسي على سبيل المثال كانت مرشحة ـ وبقوة ـ لنيل اللقب إلا أن الأداء السيئ أمام غينيا وغانا أطاح بالطموح المغربي مبكرا.
وظهرت بعض الانتقادات ضد العديد من المحترفين، واتهموهم بالخوف من الإصابة حتى لا يضيع مكانهم الأساسي مع أنديتهم الأوروبية، خصوصا مع تحذيرات مدربيهم أن تعرضهم للإصابة خلال البطولة قد يعني ضياع مستقبله مع ناديه وهو ما أثر سلبا على أدائهم مع منتخباتهم .
وفي الوقت نفسه كان لبعض المحترفين تواجد قوي داخل البطولة خصوصا مع الكاميرون، وكوت ديفوار، وغانا؛ لذا كان من الطبيعي أن تصل تلك المنتخبات الثلاثة إلى نصف النهائي بجانب الفريق المصري بتشكيله المحلي.
وعادة تميل موازين القوى للفرق التي تضم عددا كبيرا من المحترفين خصوصا إذا كانوا يلعبون في أندية أوروبية كبيرة صاحبة تاريخ عريق مع البطولات، إلا أن المصريين نجحوا في فرض صورة جديدة وإثبات أن اللاعب المحلي دائما يكون الأكثر فاعلية، خصوصا عندما يشارك مع منتخب بلاده في مسابقات قارية أو دولية.
فوز المصريين باللقب القاري السادس بكتيبة مكونة من 23 لاعبا، بينهم ثلاثة لاعبين فقط محترفين في أوروبا أمر أثار دهشة خبراء الكرة العالمية الذين لم يتوقعوا احتفاظه بالبطولة للمرة الثانية على التوالي.
فالفراعنة تحدوا أقوى المنتخبات الإفريقية التي تضم كتيبة من اللاعبين يشكلون قوة هائلة للأندية التي يلعبون معها، كأرسنال وتشيلسي الإنجليزي، وبرشلونة، وسيفيليا الأسباني، مع العلم أن المحترفين محمد شوقي " ميدلزبره الإنجليزي " ومحمد زيدان " هامبورج الألماني" لا يشاركان بصفة أساسية مع ناديهما، أما المحترف الثالث أحمد حسن "أندرلخت البلجيكي" فهو من اللاعبين الأساسيين وحصل على جائزة ثاني أحسن لاعب محترف في بلجيكا العام الماضي
[/size][/b]
.[/right]
تحطيم التوقعات 
[b]أثبت الإنجاز المصري أن جميع التوقعات التي أشارت قبل بداية النسخة الـ26 للأمم الإفريقية أن الفرق العربية بشكل عام لن تستطيع المنافسة على اللقب هذه المرة، خصوصا وأن جميع منتخبات القارة السمراء كالكاميرون وغانا وكوت ديفوار ونيجيريا شاركوا بكامل قواهم الضاربة من اللاعبين المحترفين الجاهزين بدنيا وفنيا لتخطي كافة العقبات نحو الوصول لمنصة التتويج.
فخابت توقعات البرتغالي جوزيه مورينيو الذي كان يكتب مقالات تحليلية عن بطولة الأمم الإفريقية وتناقلتها المواقع الإلكترونية، فمدرب تشيلسي السابق تنبأ بأن النهائي سيجمع بين غانا – الدولة المنظمة – وكوت ديفوار التي يقودها فتى مورينيو المدلل ديدييه دروجبا، كما تمنى أن يخرج المصريون على يد أنجولا في دور الثمانية لتشجيعه منتخب الغزلان لأسباب عائلية واجتماعية.
كما لم تصدق آراء محللي هيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي " مثل الفرنسي مارسيل ديساييه ذي الأصول الغانية الذي أكد أن البطولة ستكون غرب إفريقية خالصة وأن الفريق الشمالي الوحيد القادر على تحقيق مفاجأة هو تونس؛ لما يملكه من كتيبة من المحترفين داخل القارة الأوروبية.
ولم يحالف الفرنسي كلود لوروا مدرب غانا التوفيق في تصريحاته قبل انطلاق البطولة، والتي أكد فيها أن الوقت قد حان لفوز النجوم السوداء بالأمم الإفريقية بعد غياب 26 عاما، مستبعدا نجاح أي فريق عربي مجاراة قوة فريقه، والكاميرون وكوت ديفوار الذين أصبحوا من أقوى المنتخبات العالمية بسبب لاعبيهم المحترفين الذي أصبح غيابهم عن تشكيل أنديتهم يشكل كابوسا مزعجا لمدربيهم.
محلي ضد محترف
بداية مشوار الفراعنة في نهائيات غانا ضد الكاميرون كانت مصدرا للقلق بين الجماهير والنقاد الرياضيين في مصر، خصوصا وأن أي نتيجة سلبية أمام الأسود سيكون لها تأثير سلبي على أمل المصريين في المنافسة على الاحتفاظ باللقب.
ويبدو أن لاعبي الكاميرون دخلوا مباراتهم أمام الفراعنة معتمدين على أسمائهم الرنانة؛ مما شكل فرصة كبيرة للمصريين لترويض الأسود بأربعة أهداف عكست جميع فنون كرة القدم، سواء التسديد من بعيد، أو تنفيذ الهجمات المرتدة، والضغط على المنافس لإجباره على ارتكاب الأخطاء، وهو ما يعني أنه لا يوجد فارق بين لاعب محترف وآخر محلي.
وتكرر هذا المشهد أثناء مواجهة الأفيال الإيفوارية المليئة بالمحترفين قبل النهائي، فكوت ديفوار قدمت أقوى أداء خلال مواجهات دور المجموعات وفي ربع النهائي أمام غينيا، إلا أنها فشلت في التعامل مع المصريين فخسروا برباعية في مشهد أثار إعجاب المتابعين للكرة الإفريقية.
ولا شك أن نتائج الفريق المصري لم تأت مصادفة، فالفراعنة تميزوا خلال جميع مواجهاتهم بالحماس والروح القتالية التي جعلتهم قادرين على مجاراة قوة الأفارقة البدنية وسرعتهم، وهو ما ظهر بوضوح في الهدف القاتل الذي سجله محمد أبو تريكة في النهائي أمام الكاميرون، فلولا قتال محمد زيدان وضغطه على القائد الكاميروني سونج واستخلاص الكرة منه ما استطاع المصريون حسم اللقاء في وقته الأصلي.
والتساؤل المطروح بعد الفوز المصري لماذا لا ينتشر المصريون في أندية القارة الأوروبية، مثلما يفعل المغاربة والجزائريون والتوانسة، وما هي الأسباب التي تجعل ثمن منتخب كوت ديفوار 244 مليون
دولار - 10.6 مليون دولار للاعب - مقابل 42 مليون دولار - 1.8 مليون دولار لكل لاعب – للمنتخب المصري.
وقد تكون عدم القدرة على التكيف مع الحياة الأوروبية عاملا مهما في ضعف حظوظ المصري على الاستمرار في التواجد بشكل أساسي في تشكيله ناديه حال احترافه، فعدم التأقلم مع نمط جديد في المعيشة وعدم اعتياده على استخدام لغة أجنبية غير العربية تؤثر بشكل كبير على نفسيته؛ ما يجعله يعود سريعا للدوري المحلي وهو ما لا يفعله اللاعبون من الجنسيات الإفريقية الأخرى
[/b]
الجمعة فبراير 22, 2008 4:01 am
